تُقبِل العشر الأواخر من رمضان حاملةً معها نفحات الرحمة والمغفرة، فهي الأيام التي اختُصّت بمضاعفة الأجر وبلوغ ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر. في هذه الليالي المباركة، يتسابق أهل الخير في العطاء، بحثًا عن الأجر العظيم والبركة في الدنيا والآخرة، ومن أعظم ما يُمكن تقديمه خلالها هو العمل الخيري الذي يمسّ حاجات الفقراء والمحتاجين، ويمدّ يد العون لهم. العمل الخيري لا يقتصر على الصدقة فقط، بل يشمل كل ما يُدخل السرور على قلب مسلم، من إطعام الطعام، وتفريج الكرب، وكفالة الأيتام، ودعم الأسر المتعففة، وغير ذلك من أبواب الخير التي أمرنا بها الإسلام. 

كيف نستغل العشر الأواخر للتوسع في العمل الخيري؟

العشر الأواخر من رمضان ليست مجرد أيام نختم بها الشهر الفضيل، بل هي فرصة عظيمة لتعزيز العمل الخيري وتوسيعه ليصل إلى أكبر عدد ممكن من المحتاجين.  فمع ازدياد الأجر والبركة في هذه الأيام والليالي المباركة، يصبح من الضروري وضع استراتيجيات مدروسة لمضاعفة الأثر، سواء على المستوى الفردي أو المؤسسي، نذكر بعضًا من هذه الاستراتيجيات فيما يلي:

1. التخطيط والتنسيق الفعّال:

من أهم طرق التوسع في العمل الخيري خلال العشر الأواخر هو التخطيط المسبق ووضع خطة واضحة تشمل الأولويات والاحتياجات الأكثر إلحاحًا. يمكن التعاون مع الجمعيات الخيرية أو تنظيم فرق تطوعية لتنفيذ المشاريع بشكل أسرع وأكثر كفاءة.

2. مضاعفة التبرعات والجهود:

يمكن للأفراد زيادة نسبة تبرعاتهم في هذه الأيام، سواء من خلال الصدقات النقدية أو العينية، مثل توزيع وجبات الإفطار والسحور، وتقديم المساعدات للأسر المحتاجة، ودعم المشاريع الوقفية التي تستمر فائدتها لفترة طويلة. 

كما يمكن للشركات وأصحاب رؤوس الأموال إطلاق مبادرات خيرية موسعة.

3. استثمار قوة وسائل التواصل الاجتماعي:

من خلال نشر قصص ملهمة، وإطلاق حملات تبرع إلكترونية، ومشاركة مشاريع خيرية على منصات التواصل الاجتماعي، يمكن الوصول إلى عدد أكبر من الناس وتحفيزهم للمساهمة.

4. دعم المشاريع المستدامة:

بدلًا من تقديم مساعدات مؤقتة فقط، يمكن استغلال العشر الأواخر في دعم مشاريع طويلة الأمد، مثل كفالة الأيتام، وبناء المنازل للأسر الفقيرة، وتوفير مصادر دخل مستدامة للمحتاجين، لتمويل المشاريع الصغيرة أو تقديم منح تعليمية.

5. استغلال فضل ليلة القدر:

ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر، فرصة ذهبية لمضاعفة العطاء، فمن الجميل تخصيص تبرع يومي في العشر الأواخر، مع زيادة العطاء في الليالي الوترية.

6. إشراك الأهل والأصدقاء:

يمكن تعزيز العمل الخيري من خلال تشجيع أفراد الأسرة والأصدقاء على المشاركة، سواء عبر تبرعات جماعية، أو عبر التطوع في أنشطة خيرية ميدانية، مما يرسّخ ثقافة العطاء داخل المجتمع. 

أهمية مساعدة الفقراء والمحتاجين في العشر الأواخر

يُعد الإحسان إلى الفقراء في العشر الأواخر من رمضان من أفضل الأعمال التي يجازي الله عليها بالأجر والثواب. وتظهر أهمية مساعدة الفقراء والمحتاجين في هذه الأيام المباركة لعدة أسباب، من أهمها:

• مضاعفة الأجر والثواب:

الصدقة في رمضان عامةً، وفي العشر الأواخر خاصةً، تُضاعف فيها الأجور، لقوله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصدقة صدقة في رمضان" (رواه الترمذي). 

فكل مساعدة تُقدَّم للفقراء تفتح بابًا من أبواب الرحمة، وترفع درجات العبد عند الله، خاصةً إن صادفت ليلة القدر.

• تحقيق التكافل الاجتماعي:

مساعدة المحتاجين تُعزز من روح التضامن والتكافل بين أفراد المجتمع، وتسدّ فجوة الفقر، وتجعل الجميع يعيش أجواء رمضان بفرح وسعادة. فهذا الشهر الكريم ليس مجرد صيام وقيام، بل هو شهر الإحساس بالآخرين والتفاعل مع معاناتهم.

• إدخال السرور على قلوب الفقراء:

في هذه الأيام المباركة، يسعى الجميع للعبادة والفرح بأجواء رمضان، ولكن هناك من لا يستطيع حتى توفير قوت يومه أو كسوة العيد لأطفاله. والمساعدة هنا لا تقتصر على المال فقط، بل تشمل الطعام، والكسوة، وسداد الديون، مما يجعل الفقراء يشعرون بفرحة رمضان والعيد كغيرهم.

• استثمار ليلة القدر في العطاء:

ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، فرصة عظيمة لمضاعفة العطاء، فالمبلغ الذي يُتبرع به قد يُكتب لصاحبه أجر الصدقة لمدة 83 عامًا وأكثر. فما أعظمه من استثمار يجعل العطاء ممتدًا وأثره باقٍ.

• تكفير الذنوب وجلب البركة:

العمل الخيري سبب لمغفرة الذنوب وجلب البركة في الرزق، فقد قال النبي ﷺ: "الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار" (رواه الترمذي). 

كما أن العطاء يجلب الخير والزيادة، فقد وعد الله بذلك في قوله: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} (سبأ: 39).

• تأصيل ثقافة العطاء في المجتمع:

عندما يحرص الفرد على مساعدة المحتاجين، فإنه يُرسّخ ثقافة العطاء داخل أسرته ومجتمعه، مما يجعل العمل الخيري عادةً مستمرة لا تقتصر على رمضان فقط، بل تمتد طوال العام.

ولذلك فإن مساعدة الفقراء في العشر الأواخر عبادة عظيمة تُحقق السعادة للطرفين، وترفع منازل المؤمنين عند الله، فلنحرص على اغتنام هذه الأيام المباركة بمضاعفة العطاء، وإدخال الفرح على قلوب المحتاجين، لعلنا ننال بها رضا الله وفضله.

الصدقة وإفطار الصائمين أفعال خيرية تضاعف الأجر والثواب

في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، تتضاعف الحسنات وتُفتح أبواب الرحمة والمغفرة.

وتُعدّ الأعمال الخيرية في هذه العشر، كالصدقة وإفطار الصائمين، من أعظم الأعمال الخيرية التي يتقرّب بها العبد إلى ربه.

وفيما يلي أبرز فضائلهما:

ـ الصدقة في رمضان: تُعدّ من أعظم العبادات التي يتسابق فيها المسلمون، فهي تُطهِر النفس من الشحّ، وتكون سببًا في تفريج كرب المحتاجين، كما قال النبي ﷺ: "أفضل الصدقة صدقة في رمضان" (رواه الترمذي).

ـ إفطار الصائمين: من الأعمال التي وعد الله عليها بالأجر العظيم، فقد قال النبي ﷺ: "من فطّر صائمًا كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء" (رواه الترمذي). 

فبمجرد تقديم وجبة إفطار أو حتى تمرة وماء، ينال المسلم أجر الصيام مرتين.

وبالتالي يكون للأعمال الخيرية في العشر الأواخر من رمضان أثرٌ كبير وعظيم، فقد تُصادف ليلة القدر ويُكتب لصاحبها حسنات تعادل عبادة ألف شهر. 

كيفية دعم المشاريع الخيرية في العشر الأواخر من رمضان

في العشر الأواخر من رمضان، تبرز العديد من الطرق لدعم المشاريع الخيرية التي تساهم في تحسين حياة الفقراء والمحتاجين، بما يتماشى مع روح العطاء التي تميز هذا الشهر المبارك. يمكننا استغلال هذه الأيام الفضيلة لتوجيه الجهود نحو أعمال خيرية تعزز من الاستقرار الاجتماعي وتلبي الاحتياجات الأساسية للأفراد.

ومن أبرز طرق الدعم في هذه الأيام المباركة هو دعم البرامج التي تُعنى بتوفير الغذاء والملابس للمحتاجين، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار وصعوبة الوصول إلى هذه الموارد في بعض المناطق. كما يمكن دعم مشاريع تعليمية للأيتام لتمكنهم من الحصول على فرص تعليمية تضمن لهم مستقبلاً أفضل.

أيضًا، تعتبر المبادرات التي تركز على تمويل المشاريع الصغيرة للأسر الفقيرة وسيلة فعّالة للتمكين الاقتصادي، حيث تتيح لهم فرص العمل المستدامة وتقلل من اعتمادهم على المساعدات. 

وهكذا، تظل العشر الأواخر من رمضان فرصة ذهبية للتقرب إلى الله عبر البذل والعطاء، حيث يكون للإحسان أثر مضاعف في هذه الأيام المباركة. 

وبوحدة جهودنا وتكاتفنا، يمكننا إحداث تغيير حقيقي في حياة الأفراد والمجتمعات، وبشكل يعكس قيم التعاون والتكافل التي يجسدها هذا الشهر الفضيل.